* ذكريات طفل



ذكريات طفل




لو كان لقصتي آذان تسمعها كنت كتبتها من زمان,
قصة طفل لم يتمنى في حياته إلا أن ينتمي إلا أسرة بأب و أم و إخوة
بيت يأمن له .
و لكن بدأت مآساة قصتي و أنا في أول سنوات حياتي طفل أراد القدر

أن يعيش بعيد عن أبيه.....
أين أنت يا أبي لماذا تركتني أنا وأمي ؟ ماذا فعلنا لك ؟
ما ذنبي أنا ان تحرمني من رعايتك؟
ما ذنب أمي أن تستغنى عنها ؟
أرجع بذاكرتي إلى طفولتي ...طفولة لا ارى منها أي طفولة
و أنا أرى دموع أمي تتجمع في عينيها ثم تسيل على خديها بكل صمت
و تدعي ربنا
" اللهم أرزقنا من حلالك و لا تحرمنا من رعاياتك "
كانت كثيرا ما تضمني و أشعر بدموع تسقط على رأسي
يا إلهي كنت أهرب من تلك اللحضات لا اريد ان أرى أمي و

هي حزينة كيف اسعد امي كيف أحميها ....
من حين إلى آخر يأتون الأقارب و معهم أكياس ...ما كل هذا ؟؟؟
كنت اسأل أمي و لكنها تكتفي بقول هذا رزق من عند ربنا...
" ربنا" اسمع كثيرا هذه الكلمة من أمي " ربي " " ربنا " " الله "

بمرور السنوات أصبحت اشعر بأمان نعم لأن ربنا معانا

كما تقول أمي لمّا أخرج ألعب تردد في" رعاية الله و حفظه

"فأخرج من بيتي و انا كلي فخر لأن الله معي

و ذهب عنّا حزن فراق أبي و سمعت بعدها أنه أختار له أسرة أخرى

و له أولا د آخرين.. هل هم أحسن منا ؟؟
لا يهمني الآن... أرى قد جفت دموع حزن أمي على أبي
و الله معانا لا اريد أكثر من هذا
أحيانا بعد الصلاة , ترفع أمي يديها لا أفقه ما تقول
و لكن عندما أدقق في وجهها أرى أن دمعة قد نزلت على خديها..
نعم و كانت دايما من عين اليمين التي تنزل تلك الدمعه..
ما نوع هذه الدمعه يا ترى؟؟؟
هل مازالت أمي حزينة عن فراق أبي؟
"جفي دموعك يا امي كفاية لا اريد أن أراهم مرة أخرى"
يا ليتني كنت أتشجع و اقول لها هذا الكلام
و لكنني أعلم أن أي سؤال لها لا يعطيني الإيجابة المقنعة فأترك السؤال..
حتى وجدت نفسي شيئا فشيئا ألجأ الى ربنا لأنه معانا كما علمتني أمي

و أحكي معه و أسأله و أطلب منه الكثير...
و لكن تفاجأت في يوم من الأيام أن أمي تخبرني ...

هل تريد أبا آخر؟؟
سؤالها كان أقوى من اي ايجابة

الصمت كان هو ردي لها

برغم أن كلاما كثيرا بداخلي كنت اريد أن اصرخ و اقول:
سيتركنا مثل ما تركنا أبي ...
لا يا امي لا نحتاج ابا آخرا..
أنا هنا سأحميك و أعدك أن أكون كما تتمنين و الله معانا ....
و لكن كنت ارى ابتسامة في وجه أمي و هي تخبرني ,
كأنها ابتسامة توسل لكي اكون سعيد مثلها فلم استطيع أن أقول شيئا
إلا أن أبتسم معاها و قبلتها بشدة و أحضنتني..
و ههي دمعة اخرى تنزل على خديها...
أيعقل ان تكون نفس الدمعة التي كنت أراها عندما فارقنا أبي؟؟؟
هل هي نفس الدمعة التي تملأ عينيها بعد الصلاة؟
لم أعد افهم شيئا!!!
و بعد فترة زارتنا خالتي و عرضت عليا أن أقضي معاها العطلة الصيفية

كنت سعيد جدا كانت تسكن في بيت أوسع من بيتنا و لها اولاد تقريبا

في سني و لكن قلت لأمي : كيف اتركك لمدة طويلة...؟

تعالي معانا...
فابتسمت و قالت : تمتع أنت... و انا سأزورك كثيرا.
لا ادري كنت أشعر أن فيه شيء غامض و لكن عهدت نفسي

أن لا احزن أو أقلق لأن الله معي .
اشترت لي أمي ملابس جديدة و حقيبة لأجمع فيها ملابسي

و اشترت ملابس أخرى لها كنت اسألها من اين لك كل هذا المال؟

فكانت دائما تجيبني : "من عند ربنا"
أصبحت أسأل و متيقن من تلك الإيجابة من أمي
" طبعا كل من عند ربنا...و نعم بالله"
بدأت عطلتي في بيت خالتي و مع أولاد خالتي..

كانت أيام جميلة فعلا

و كنت اشعر بحنان خالتي أكثر من كل وقت كان حضنها يذكرني

بحضن أمي و لها نفس الإبتسامة

و لكنها كانت كثيرة الغضب ,

كثيرا ما أراها تضرب ابنها الذي هو في سني

في تلك اللحضة أشعر بالرعب منها ...
هل ستضربني مثله ؟؟؟
لم أتعود عن الضرب...كانت امي قليلا ما تضربني و لو ضربتني

أشعر بحنانها لانها تناديني و تحضنني مباشرة بعد ضربها.
و تقول :"أوعدني انك لا تعيد هذا الفعل مرة أخرى "
فأحرك رأسي بإشارة نعم و انا بشهيق البكاء...
برغم اني كنت سعيد مع خالتي

إلا أن غياب امي جعلني أشعربطول العطلة

زارتني امي مرتين فقط و الثالثة لم تكون بمفردها ...
هل عرفتم مع من كانت ؟؟؟
كانت بصحبة بابا الجديد...
الصمت تملكني مرة أخرى

لم أدري ايجب أن اصافحه أم اقبله

افرح أم أحزن

و لكن إبتسامة أمي جعلتني انسى حيرتي هذه

إنها سعيدة...نعم أمي سعيدة

في الأول كنت ابتعد عنه و لكن كان يشعرني بكثير من الحب

كان يلعب معي ويحضنني من حين إلى آخر و لكن كل شيء

تغير في حياتي أمي لم تعد لي لوحدي..
كانت تهتم به أكثر مني..
كانت تبتسم معه اكثر مني ..
و كانت تنام معه هو ..
في الأول لم أتقبل هذا الأمر ,

هي أمي انا مش أنت....

لم تكن لي الشجاعة الكفاية لقول ما بداخلي

لم أتعود إلا على الصمت

و الشكوى لله

و لكن

مع الأيام تعودت

على النمط الجديد و لم تمر سنة إلا و رزقنا الله بأخ..
كل من عند الله حتى أخي ده... كلام أمي لتسكتني
و نعم بالله ..الله كريم اعطاني كل شيء أم و أب و الآن أخ...
الحمد الله مرت الأيام و لم اعد وحيدا لم تعد أمي حزينة مثل الأول .
ووجود أخي يشعرني بالمسؤولية
نعم أنا اخوه الأكبر و يجب أن أعلمه كل شيء...
كبرت في حضن هذه الأسرة الصغيرة.
بين أوقات سعيدة و أوقات حزينة مثل كل أسرة..
و لكن أراد الله هذه المرة أن يأخذ منّا أبي الجديد الذي فتح لي ذراعيه
و ضمني بحنان الى قلبه...
تركنا و ترك امي و أخي في حزن و خوف ...
من سيكون رجل البيت الآن...
هذه المرة لن اسمح لأي أحد آخر أن يدخل بيتنا انا سأكون لأمي و

أخي الرجل الذي يعتمدون عليه...
ضاعت أحلامي إلى مسؤولية العمل و رعاية أخي....
لن تخافي يا أمي ابنك الأول هنا ... لن يتركك لحزنك و انتِ ايضا

لا تتركني ليس لي أحد بعدك
حتى و لو ضننتي إني مسؤول عن نفسي و رجل البيت

و لكني بداخلي طفلا احتاج لحنانك و حبك..

طفلا يريد أن يرتاح من متعاعب الحياة و يضع رأسه على صدرك

و يسمع دقات قلبك...
و لكن كما تقولين دايما يا أمي" ربي معك"
و نِعم بالله ...يا رب لا تحرمني ممن أحب
يا ربي لا تبعدهم عني
و هكذا أنتهت قصتي مع طفولتي لتبدأ قصة أخرى
فيها صراع و صبر ...قصة حياة و كفاح.... قصة لا ادري اين

مرساها ..قصة انهت طفولتي لأبدأ مشوارا آخر, مشوار ....
و لكني متيقن أن الله معي...
فمشواري مع الله هو المشوار الذي أعرف نهايته..
و أعرف ان الله لن يتركني حتى و لو تركني الجميع......

تعليقات