في هذه الأيام المباركة من ذي الحجة , ترجع بي ذاكرتي دائما عندما زرت البقاع
المقدسة و سهل الله لي الحج..دام إستعدادي لها شهورا عديدة و أنا اقرأ كل كتاب يأتي بين يدي عن الحج و العمرة حتى وفقني الله أن كتبت ملخص ميسر لها و لله الحمد.
وكنت بأتم الإستعداد لجميع المناسك و حفظت مجموعة من الأدعية وأول الزيارات كانت للمدينة المنورة الطيبة التي تحتوي في ترابها أطهر خلق الله..وصلنا ليلا و من بعيد أضواء المسجد النبوي تنادي أرواحنا.. ما أروعه من منظر!!
عليك افضل الصلاة و السلام يا حبيبي يا رسول الله لم أصدق نفسي أنني بقربه ... صعب أن أصف تلك المشاعر لم أعشها من قبل و ربما يعرفها إلا من زار المكان ...نعم انا بقرب الرسول الكريم و بدأت الحافلة تقترب شيئا فشيئا و كانت حينئذ ساعات قليلة قبل صلاة الفجر ..اتجهنا اولا للفندق , وضعنا امتعتنا و استعددنا للصلاة في المسجد النبوي..و كل خطوة اخطوها في تلك الأرض الطيبة أقول هل صادفت خطايا خطى الرسول أو احدى الصحابة ؟. حتى هواها كنت اشعر أنه مختلف... هواء المدينة المنورة له رائحة طيبة...فتجدني أستنشق بعمق لآخذ أكثر كمية في جسدي... إنها المدينة المنورة.
لا انسى اللحظة التي كنت في الروضة في المسجد النبوي برغم الزحام الذي ربما يعيق الخشوع في الصلاة و لكن رزقني الله أياها كنت اتمنى أن ابقى ساجدة بقية عمري في ذلك المكان و لكن كانت للحظات فقط حيث ان القائمات على النظام لا يتركوننا إلا قليلا ليأتي الفوج الذي يلينا و من بعيد أليقت السلام على حبيبي رسول الله صلى الله عليه و سلم و دمعت عينيا شوقا و حبا و دعوت الله أن يرزقني رؤيته في الجنة و ان اكون من الذين يشربون من يديه الكريمتين شربة لا نظمأ من بعدها ابدا..كان الخروج من المسجد صعب على نفسي كأني اودع الرسول صلى الله عليه و سلم
لم نبقى في المدينة إلا يومين ثم بدأنا الإستعداد لنسافر إلى مكة برغم كنت اشعر بالحزن و أنا أودع المدينة و لكن بمجرد أن اقتربنا إلى مكة راودني نفس الإحساس.
و أخيرا سأرى الكعبة و أعتمر و تسلسلت امام عيني كل ما درست عن تاريخ الكعبة و القصص التي حدثت في مكة المكرمة من اول ما نزل فيها سيدنا إبراهيم عليه السلام و من بناءالكعبة مع ابنه اسماعيل و من قصة الذبح و تذكرت حتى الشرك الذي كان قبل الإسلام و قصة بئر زمزم مع عبد المطلب و عند نزول الوحي و كيف صبر رسول الله صلى الله عليه و سلم على مشركين قريش و كيف تعذب في اول البعث هكذا حتى وجدت نفسي ابتسم عندما وصلت بذكرياتي للفتح و نصر المسلمين ... و أنا في رحلتي مع نفسي و إذا بالاصوات التلبية تعلو اكثر في الحافلة توقفت ذكرياتي و بدأت أردد و دمع قد رجع ليقطع جفاف العين لقد اقتربنا من المسجد الحرام ..ازدادت دقات القلب و شعرت بالرجفة في جسدي شعور غريب..إنه فعلا مكان مبارك...يا الهي انه مسجد ضخم لا ارى مثله من قبل , بياض رخامه يشع في الأجواء...ها نحن نخطو للدخول و لنرى الكعبة و كما اسلفت حفظت مجموعه من الأدعية و سجلت اسماء كثير ممن اوصوني بالدعاء فكنت مستعدة لهذا الموقف : اول رؤية الكعبة .
دخلت و رأيتها : سبحان الله كل ما جهزت نفسي له, تبخر.. لم اقل إلا يا إلهي غفرانك و استمريت على هذا الدعاء لحظات و ابكي بحرقة لم اعد حتى اتحكم في رجلي و خفت أن تذهب عني لحظات استجابة الدعاء في بكاء و حيرة..استرجعت قوايا بالأصح حاولت أن استرجعها و لكن ما دعوت بما حفظت و لكن بما خشع له قلبي و سبحان الله وجدت نفسي اقول تقريبا نفس الكلمات الأدعية المأثورة وكيف لا ,إنها تشمل على كل ما يتمناه المؤمن من ربه...
لن ادخل في تفاصيل مناسك الحج أو المشاعر الأخرى فهي عديدة لا يسعني أن اكتب عليها في بعض الأسطر و ما كان هدفي هنا إلا أن اعبر عن شوقي لتلك اللحظات الروحانية الجميلة ...لو كانت رؤية الكعبة تؤثر بهذا الشكل فما بال وقفة الحشر....اللهم ثبتنا فيها و جعلها يسيرة علينا و ارزقنا رضاك و الجنة..
اشتقت إليك يا رسول الله ...
اشتقت لرؤية الكعبة ....
اشتقت للسجود في الحرمين ....
اللهم أرزقنا الصحة و العافية و العودة للبقاع المقدسة
و ادعو الله لحجاجنا حجا مبرورا و ذنبا مفغور
و بإذن الله تعودون كما ولدتكم امهاتكم ورقة بيضاء فاحرصوا أن لا يكتب فيها ذنبا و لا معصية..
استغفر الله الذي لا إله إلا الله و اتوب إليه
و كل عام و أنتم لله اقرب
تعليقات