الحمد لله الذي جعل لنا الصلاة نريح بها أنفسنا و تبعدنا عن متاعب الدنيا .
تجعلنا نتجه لبارئنا فلا نرى غيره ...تجعل لنا صفاء في النفوس,
و ما أروعها إذا أنفردنا بها في جوف الليل و الناس نيام
في سكون الليل الأظلم ليصبح نورا بين يدي الله.
ما أروع عندما تضع جبينك على الأرض و تطيل في الدعاء
و تشكي لله وحده ما أصابك و ترجوه المغفرة.
سبحانك ربي ... كيف حرّم البعض أنفسهم من هذه الملذات الروحية ؟ كيف غفل الكثير عنها و تمتع بدفء السرير؟
ناسيا أن سريره الذي ينتظره هو اللحد بين الحصى و التراب
ألا يفكر أن يستعد قبل فوات الأوان؟
ألم يفكر أن كل ما عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام؟
و حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
و قال الله تعالى :
{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }[الذاريات:18،17]
وقال أيضا:
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]
أين الأمة من كل هذا؟
أسأل الله أن يثبتنا و جميع المسلمين على صلاة الليل,
فقد ضيعها الكثير و ساءت أمور الدنيا و الآخرة في السعي نحو متاع زائفة.
يقول الله تعالى : " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " [ العنكبوت 64 ]
و ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معاصيك,ومن طاعتك ماتبلغنا به جنتك, ومن اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا,اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا مااحييتنا,واجعله الوارث منا,واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا,ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ,ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
تعليقات