وفى الهدوء يمكن للإنسان أن يحل مشاكله,بأعصاب غير
مضطربه وفكر غير مشوش....
وفى التعامل مع الناس,الطريقة الهادئة أكثر تأثيراً
فى النفس وتأتى بنتائج مقبوله,بعكس الطرق العنيفة
التى تأتى بردود فعل سيئة....
لذلك فالانسان الهادئ محبوب من الناس,يساعدهم
هدوءه على قبول كلامه....
وفى الحياة العملية الشئ الذى يُعمل فى هدوء, يأتى بنتائج أفضل..
غير أن بعض الناس طبيعتهم نارية أينما يحلّ الواحد منهم,
يحلّ معه التوتر والغليان,ويسبقه ضجيجة.
هو عبارة عن شعلة متقدة, حيثما ألقيت أشعلت وأحرقت,
وتفجّر منها الشرار....
والشخص النارى نظراته من نار, كلماته قذائف, وطلباته
أوامر لا تقبل التأجيل...
هذه الطبيعة الثائرة,إن وجدت هادئاً تثيره...
أما الطبيعة الهادئة فإن وجدت ثائراً تهدئه...
الشخص الهادئ الأعصاب لا ينفعل بسرعةوربما لا ينفعل
أيضاً ببطء إنه كالجبل الراسى ,تعصف به الرياح وهو راسخ...
أما الإنسان الثائر الأعصاب,فأنه ينفعل بسرعة ويثور
ويصخب, وربما لأتفه الأسباب أو بغير ما سبب لمجرد
شكوكه الداخليه وتصوراته!
بعكس الإنسان الهادئ,فهو قوى,تعجزالأسباب الخارجية
عن أن تثيره،بل تستطيع أعصابه القوية أن تصمد أمامها.
وهكذا ينال إعجاب الناس....
بينما الثائر الصاخب: مهما ثار وضج، وشتم وهدّد، وبدأ
وكأنه يخيف غيره، فإنه لاينال احترام أحد...
ثورته تدل على ضعفه وعلى عدم قدرته فى ضبط نفسه...
الشخص غير الهادئ نفسياً, يضع هموم الدنيا كلها فوق رأسه.
ويتعرض بذلك لمشاكل كثيرة:
فيفقد سلامه الداخلى, ويقع فى الاضطراب والقلق
فيفقد سلامه الداخلى, ويقع فى الاضطراب والقلق
وما فى ذلك من أتعاب,وربما يقع كذلك
فى الكآبة والحزن والإرتباك...
وقد يصاب نتيجة لذلك بأمراض عديدة جسدية ونفسية.
إنه يضر نفسه صحياً وفكرياً واجتماعياً.
ويفقد شخصيته واحترام الناس له.
إنه يغضب منهم و يغضبون عليه.
وإن ثار عليهم, ما أسهل أن يعاملوه بالمثل, فيفقد
صداقتهم ومحبتهم,وقد يتعرض لعداوتهم.
غير الهادئ: أقل كلمة تعكره, وأقل تصرف يثيره.
وربما تحاربه رغبة فى الأنتقام وفى الدفاع عن نفسه,وفى
إثبات وجوده وحماية كرامته.
فيثور ولا يصل إلى نتيجة,بل تسوء حالته وفى كل حال
يخسر المواقف, وتُمسك عليه أخطاء...
أما الإنسان الهادئ, فإنه بالجواب اللين يصرف الغضب,
ويمكنه أن يهدئ مناقشه مهما كان ثائراً...
{..ودائماً الإنسان الهادئ هو الأقوى...}
لأنه أستطاع أن يتحكم فى أعصابه وفى ألفاظه ولأنه ارتفع
فوق مستوى الإثارة فلم تقوَ عليه.
وأيضاً لأنه- فى هدوئه- يمكنه أن يتحكم فى
الموقف, وأن يدير الحوار بغير إنفعال...
او ان لم يرتاح للمحاور او الحوار فينسحب
و لكن ايضا بهدوء....
أيضاً القلب الهادئ يتمكن من الصلاة والتأمل والقراءة والتسبيح.
أما إذا فقد القلب هدوءه,فإنه لا يقدر على التأمل.
وإن حاول الصلاة تسرح أفكاره وتطيش.
وإن قرأ كتاباً لا يمكنه أن يركزّ ويفهم ويتابع...
لأجل كل هذا كان النُساك والرهبان يبحثون عن الهدوء والسكون.
لأنه فى الجو الهادئ, وفى المكان الهادئ,البعيد عن الصخب والضوضاء
,يمكنهم أن يمارسوا عملهم الروحى...
::فضائل ترتبط بالهدوء::
الهدوء له علاقة بالمحبة, يأخذ منها ويعطيها..
فالإنسان المحب يكون هادئاً فى علاقته مع الناس.
لا يثور عليهم,ولا يحتد ولا يشتد.
أما الكراهية فإن دخلت إلى قلب شخص, تكون كالبركان
الثائر الذى لا يهدأ تريد أن تنتقم وأن تحطم.
ولا تهدأ حتى تنفذ ما تريد, وتنفّس عما فى داخلها...
والعالم يحتاج إلى الحب والهدوء, لكى يحل مشاكله.
يحلها بالتصالح وليس بالتصارع.ففى الهدوء وبالهدوء,
يمكن أن يتلاقى الناس مهما اختلفت افكارهم, ليحلوا مشاكلهم
فى هدوء الحوار المشبع بالحب...
أما إن اختفى الهدوء, فإن الحب يختفى معه إذ لا تبقى المحبة
مع التشويش والصخب والضوضاء,والحدة فى الصوت,
والشدة في التصرف...
لهذا ترتبط فضيلة الهدوء بفضيلة السلام أيضاً...
فالإنسان الهادئ يكون على الدوام مسالماً.
كان أن المسالم يكون بطبيعته هادئاً.
الهادئ لا يخاصم ولا يصيح, ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته.
لذلك يعيش مع الناس فى سلام, لأنه لا يتشاجر مع أحد,
ولا يحلّ مشاكله بالعنف, بل بالهدوء....
إن السلام قد يُفقد بين عنيف وعنيف.
ولكنه لا يُفقد بين عنيف وهادئ. لأن الهادئ يحتمل العنيف.
كما أن النار لا تطفئها النار,بل يطفئها الماء...
فإن كان الهادئ يستطيع بهدوئه أن يطفئ نار العنفاء.
فكم بالأولى يكون السلام بين اثنين هادئين.
كذلك فإن الهدوء مظهر يعبرّ عن السلام الداخلى
فى الشخص الواحد....
والعلاقة بديهية بين الهدوء والوداعة.
لأن الهدوء هو فرع من فروع الوداعة,حتى أن اسميهما
يتبادلان المواقع.
فحينما نتكلم عن الهادئ نتكلم عن الوديع.
وحينما نتكلم عن الوديع نتكلم عن الهادئ.
والذى يفقد هدوءه, بلا شك يفقد وداعته...
هناك علاقة أيضاً بين الهدوء والعمق فالإنسان الهادئ
يمكنه أن يصل إلى العمق.
ومن يصل إلى العمق, يصير عميقاً.
و الانسان غير العميق, لا يكون هادئاً, بل يجول باحثاً
عن ذاته, أو محاولاً أن يحقق ذاته,هنا وهناك....
والهدوء يتعلق أيضاً بالإيمان والتسليم...
الذى يحيا حياة لإيمان, يعيش فى هدوء قلبى, شاعراً
أن حياته فى يدىّ الله الحانيتين.
لذلك لا يقلق أبداً ولا يضطرب. وإن حاقت به مشكلة يثق
بأن الله لابد سيحلها,وينتظر عون الرحمن فى هدوء.
وبالأيمان يقول "ان شاء الله خير". وإن أتعبته صعوبات
الحياه إلى حين, يقول "مصيرها أن تنتهى".
فيهدأ قلبه ويستقر...